في ظل الانتشار المتسارع والمقلق لمرض السرطان على مستوى العالم، والذي أصبح يصيب جميع الفئات العمرية دون استثناء، يقدم الدكتور محمد فايد رؤية تحليلية شاملة حول هذا المرض، مؤكدًا أن فهم أبعاده المختلفة والتعامل معه بحكمة يتجاوز حدود العلاجات التقليدية. وفقًا للدكتور فايد، فإن الرعب من السرطان قد يكون أشد فتكًا من المرض نفسه، حيث يؤدي إلى انهيار الحالة النفسية للمريض، والتي يعتبرها حجر الزاوية في رحلة العلاج والتعافي.

المرحلة الحاسمة: ما قبل السرطان

يسلط الدكتور فايد الضوء على مفهوم غالبًا ما يتم إغفاله وهو “مرحلة ما قبل السرطان”، وهي فترة تسبق التشخيص الرسمي للمرض وتتميز بظهور مؤشرات وعلامات تحذيرية. يرى أن التعامل الجاد مع هذه العلامات يمكن أن يمنع تطور المرض إلى مراحله المتقدمة. ومن بين هذه المؤشرات:

  1. تضخم البروستاتا الحميد (BPH): يشير الدكتور فايد إلى أن تضخم البروستاتا، على الرغم من كونه حالة حميدة في البداية، قد يتطور مع مرور الوقت ليصبح سرطان البروستاتا. يدعم هذا الرأي العديد من الدراسات، حيث وجدت مراجعة منهجية وتحليل تلوي (Meta-analysis) نُشرت في مجلة Prostate Cancer and Prostatic Diseases عام 2017 أن الرجال الذين يعانون من تضخم البروستاتا الحميد لديهم خطر متزايد بشكل طفيف للإصابة بسرطان البروستاتا على المدى الطويل، مما يؤكد أهمية المتابعة الدورية.

  2. اضطرابات مكونات الدم: يوضح أن الخلل المستمر في تحاليل الدم، مثل النقص الحاد في الكريات الحمراء أو الصفائح الدموية، والذي قد يُشخّص مبدئيًا على أنه فقر دم (أنيميا)، يمكن أن يكون مقدمة لتطور سرطان الدم (اللوكيميا).

  3. التكيسات والأورام الحميدة: يذكر أن بعض التكيسات، سواء في الثدي، المبيض، الرحم، أو حتى الدماغ، قد تتحول مع مرور الزمن إلى أورام خبيثة إذا لم تتم متابعتها والتعامل معها بجدية.

  4. المؤشرات الإنزيمية: يؤكد الدكتور فايد على أهمية مراقبة مستويات بعض الإنزيمات في الدم كمؤشرات مبكرة، مثل إنزيمات الليباز، الأميليز، الألدولاز، والفوسفاتاز، بالإضافة إلى دلالات الأورام مثل PSA للبروستاتا و CA 19-9 للبنكرياس. يمكن لارتفاع هذه المؤشرات أن يشير إلى وجود نشاط سرطاني في الجسم حتى قبل ظهور الورم بشكل واضح. على سبيل المثال، ربطت دراسة رصدية (Observational study) منشورة في New England Journal of Medicine عام 2018 بين الارتفاع غير المبرر لإنزيمات البنكرياس وزيادة خطر تشخيص سرطان البنكرياس لاحقًا.

ما بعد العلاج: خطر العودة إلى نقطة الصفر

يحذر الدكتور فايد بشدة من مغبة العودة إلى نمط الحياة السابق بعد انتهاء العلاج التقليدي وإعلان الشفاء. يرى أنه من المستحيل منطقيًا أن يتجنب الشخص عودة السرطان إذا عاد إلى نفس الممارسات والعادات التي سببت المرض في المقام الأول. هذه الفكرة تتوافق تمامًا مع مفهوم “الوقاية الثانوية” في الطب الحديث، حيث توصي منظمات صحية عالمية مثل المعهد الوطني للسرطان في الولايات المتحدة (NCI) باتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة للحفاظ على وزن صحي، كاستراتيجيات لتقليل خطر عودة السرطان.

العلاج الشمولي: الغذاء ونمط الحياة كأساس

ينتقد الدكتور فايد الاعتماد الكلي على العلاجات التقليدية مثل الجراحة والعلاج الكيميائي والإشعاعي مع إهمال المسبب الرئيسي للمرض. ويؤكد أن العلاج لن يكون فعالًا أو مضمونًا إذا استمر المريض في تناول المواد المسرطنة. ويصنف هذه المواد بوضوح: اللحوم، السكر الأبيض، الزيوت الصناعية المهدرجة، الأطعمة المصنعة والمعلبة، المقليات، والحلويات.

هذا الرأي يجد دعمًا علميًا قويًا. فقد صنفت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC)، التابعة لمنظمة الصحة العالمية، اللحوم المصنعة ضمن “المجموعة 1” من المواد المسرطنة للإنسان، واللحوم الحمراء ضمن “المجموعة 2A” كمواد محتملة التسرطن.

بدلًا من ذلك، يدعو الدكتور فايد إلى تبني نظام غذائي طبيعي يعتمد على ما خلقه الله، مقسمًا الغذاء إلى مكونات للطاقة (النشويات، البقوليات، الأسماك) ومكونات للعلاج.

صيدلية الطبيعة: التوابل، البذور، والأعشاب

يرى الدكتور فايد أن الله قد أودع أسرار الشفاء في ثلاث مجموعات رئيسية لا تهدف إلى توفير السعرات الحرارية، بل إلى تقديم مركبات كيميائية نباتية (Phytochemicals) فعالة في محاربة الأمراض. هذه المجموعات هي:

  1. التوابل (Spices): مثل الكركم، القرفة، القرنفل، والزنجبيل.
  2. البذور (Seeds): مثل الحلبة، الحبة السوداء، بذور الكتان، والكروية.
  3. الأعشاب الطبية والعطرية (Herbs): مثل الزعتر والأوريجانو.

هذه الفكرة تتقاطع مع مبادئ الطب التقليدي في مختلف الحضارات، مثل الأيورفيدا (Ayurveda) في الهند الذي يعتمد بشكل كبير على التوابل مثل الكركم في علاجاته، والطب الصيني التقليدي (TCM) الذي يستخدم تركيبات عشبية معقدة لاستعادة توازن الجسم.

يقدم الدكتور فايد وصفة “خماسية” كنموذج يمكن للمرضى اتباعه، مع التأكيد على أنها مجرد مثال وليست علاجًا حصريًا. تتكون هذه الوصفة من:

  • الزعتر (Thyme): غني بمركبات الثيمول والكارفاكرول.
  • الحبة السوداء (Nigella Sativa): مصدر لمركب الثيموكينون.
  • الحلبة (Fenugreek): تحتوي على مركبات الصابونين والديوسجنين.
  • الكروية (Caraway): غنية بمضادات الأكسدة.
  • القرفة (Cinnamon): تحتوي على السينامالدهيد.

وقد بحث العلم الحديث في الخصائص المضادة للسرطان لهذه المكونات. على سبيل المثال، أظهرت مراجعة علمية (Review) نُشرت في مجلة Pharmacological Research عام 2019 أن مركب الثيموكينون (الموجود في الحبة السوداء) يمتلك تأثيرات مضادة للتكاثر ومحفزة للموت المبرمج للخلايا السرطانية في العديد من الدراسات المخبرية (in-vitro) والحيوانية (animal studies). كما أشارت دراسة مخبرية (in-vitro) في مجلة Cancer Prevention Research عام 2015 إلى قدرة مستخلص القرفة على تثبيط نمو خلايا سرطان القولون.

العكبر (Propolis): السلاح الأقوى في الطبيعة

يولي الدكتور فايد أهمية قصوى للعكبر (البروبوليس)، وهو مادة صمغية يجمعها النحل، ويعتبره أقوى مكون طبيعي مضاد للسرطان على الإطلاق. يستغرب من تشكيك البعض فيه ومنع بعض الأطباء للمرضى من استخدامه.

العلم يدعم هذه الأهمية؛ حيث أظهرت مراجعة شاملة (Comprehensive review) منشورة في Journal of Dietary Supplements عام 2022 أن العكبر ومكوناته الفعالة، مثل مركب CAPE (Caffeic acid phenethyl ester)، يمتلكان خصائص قوية مضادة للأكسدة، مضادة للالتهابات، ومضادة للسرطان عبر آليات متعددة تم توثيقها في عدد كبير من الدراسات المخبرية والحيوانية. ومع ذلك، لا تزال الدراسات السريرية على البشر محدودة وتحتاج إلى المزيد من البحث لتأكيد هذه الفوائد بشكل قاطع.

دعوة إلى تحمل المسؤولية الشخصية

في ختام حديثه، يوجه الدكتور فايد رسالة قوية للمرضى، مؤكدًا أن الشفاء الحقيقي ينبع من داخلهم. العلاج ليس وصفة جاهزة تُشترى بالمال، بل هو رحلة تتطلب إرادة قوية، وبحثًا دؤوبًا، وعملًا جادًا في المطبخ لتحضير الغذاء الصحي وتجنب مسببات المرض. إنه يدعو المرضى إلى أن يكونوا هم أطباء أنفسهم، وأن يتسلحوا بالمعرفة والعلم، وأن لا يقعوا فريسة للخوف أو لتجار الوهم الذين يبيعون خلطات مجهولة المصدر. إن الطريق إلى التعافي، حسب رأيه، يبدأ من العقل والقلب والمطبخ، وليس من أي مكان آخر.


تنويه: هذا المقال يلخص آراء الخبراء والدراسات العلمية لأغراض تثقيفية فقط، ولا يعتبر استشارة طبية. يجب دائمًا استشارة الطبيب المختص قبل اتخاذ أي قرارات تتعلق بصحتكم.