مقدمة: نظرة شاملة على السرطان

يقدم الدكتور محمد الفايد رؤية متكاملة حول مرض السرطان، مؤكداً أن التعامل مع هذا المرض يتجاوز العلاجات التقليدية ليشمل الحالة النفسية للمريض، ونمط حياته، والمراحل التي تسبق التشخيص وتلك التي تليه. يشدد على أن الخوف من السرطان قد يكون أشد فتكاً من المرض نفسه، وأن فهم المريض لمرضه وتوليه زمام المبادرة في رحلة العلاج هو حجر الزاوية للوصول إلى الشفاء.

الحالة النفسية: نصف العلاج

يبدأ الدكتور فايد حديثه بالتأكيد على أن العامل النفسي هو عنصر حاسم في مواجهة السرطان. يوضح أن صدمة التشخيص قد تدمر الحالة النفسية للمريض، مما يجعله عاجزاً عن اتخاذ قرارات سليمة، بالرغم من معرفته المسبقة ببعض النصائح. ويشير إلى أن الطب الحديث في الدول الغربية يقر بأهمية هذا الجانب، حيث يتم توفير الدعم النفسي للمرضى كجزء أساسي من بروتوكول العلاج.

تعليق علمي: يُعرف هذا المجال بـ “علم الأورام النفسي” (Psycho-oncology)، وهو يدرس التأثيرات النفسية والاجتماعية للسرطان. تدعم العديد من الأبحاث وجهة نظر الدكتور فايد؛ فقد أظهرت مراجعة منهجية نُشرت في مجلة Future Oncology أن التوتر النفسي المزمن والقلق والاكتئاب يمكن أن يؤثروا سلباً على تطور السرطان واستجابة الجسم للعلاج من خلال إضعاف الجهاز المناعي.

  • المصدر: (Chiricosta, G. et al., Future Oncology, 2019).

مرحلة ما قبل السرطان: مؤشرات لا يجب تجاهلها

ينتقل الدكتور فايد للحديث عن مرحلة هامة غالباً ما يتم إغفالها، وهي “مرحلة ما قبل السرطان”. في هذه المرحلة، تظهر في الجسم مؤشرات وعلامات تنذر بوجود خلل قد يتطور إلى ورم خبيث. ويقدم أمثلة على ذلك:

  1. تضخم البروستاتا الحميد (BPH): يوضح أن هذا التضخم، رغم كونه حميداً في البداية، قد يتحول مع مرور السنوات إلى سرطان البروستاتا.
  2. اضطرابات الدم: يشير إلى أن بعض حالات فقر الدم الحاد أو النقص المستمر في الصفائح الدموية قد تكون مقدمة لسرطان الدم (اللوكيميا).
  3. التكيسات والأورام الحميدة: بعض التكيسات في أعضاء مثل الثدي، المبيض، أو الرحم قد تتحول إلى أورام خبيثة مع مرور الوقت.
  4. ارتفاع إنزيمات الجسم: يذكر أن ارتفاع بعض الإنزيمات مثل الليباز، الأميلاز، والألدولاز قد يكون مؤشراً مبكراً على وجود نشاط سرطاني حتى قبل ظهور الورم.
  5. نقص المناعة والفيتامينات: يعتبر أن الانخفاض الحاد والمزمن في فيتامين “د” أو الحديد قد يكون علامة خطر.

تعليق علمي: تعتبر هذه الحالات بالفعل عوامل خطر (Risk Factors). على سبيل المثال، تؤكد المعاهد الوطنية للصحة (NIH) أن الرجال الذين يعانون من تضخم البروستاتا الحميد قد يكون لديهم خطر متزايد قليلاً للإصابة بسرطان البروستاتا. كما أن بعض المؤشرات الحيوية (Biomarkers) مثل مستويات الإنزيمات ودلالات الأورام (Tumor markers) تُستخدم للكشف المبكر والمتابعة.

  • المصدر: (National Cancer Institute - Prostate Cancer Prevention).

مرحلة ما بعد العلاج: خطر العودة إلى العادات القديمة

يحذر الدكتور فايد بشدة من فكرة “الشفاء التام” التي تدفع المريض للعودة إلى نمط حياته السابق. يؤكد أن العودة إلى نفس العادات الغذائية ونمط العيش الذي تسبب في ظهور السرطان أول مرة، سيؤدي حتماً إلى عودة المرض مرة أخرى، حتى لو بعد سنوات.

تعليق علمي: يُعرف هذا المفهوم في الطب بـ “الوقاية الثالثية” (Tertiary Prevention)، والتي تهدف إلى منع تكرار المرض وتحسين جودة الحياة بعد العلاج. أظهرت دراسة مراجعة شاملة (Systematic Review) أن اتباع نظام غذائي صحي غني بالفواكه والخضروات وممارسة النشاط البدني بانتظام يقلل بشكل كبير من خطر عودة العديد من أنواع السرطان، بما في ذلك سرطان الثدي والقولون.

  • المصدر: (Rock, C. L. et al., CA: A Cancer Journal for Clinicians, 2022).

قوة نمط العيش والنظام الغذائي

يرى الدكتور فايد أن العلاجات الحديثة مثل العلاج الكيميائي والجراحة لا يمكن أن تحقق الشفاء وحدها إذا استمر المريض في تناول مسببات السرطان مثل اللحوم المصنعة، السكريات، والزيوت المهدرجة. ويؤكد أن النظام الغذائي هو العامل الأقوى في رحلة العلاج.

يقسم الدكتور فايد المكونات الغذائية إلى قسمين:

  1. مواد للطاقة: مثل النشويات والبقوليات والبروتينات.
  2. مواد للعلاج: وهي ثلاث مجموعات رئيسية غنية بمضادات الأكسدة والمركبات النباتية العلاجية (Phytochemicals):
    • التوابل: مثل الكركم، القرفة، والقرنفل.
    • البذور: مثل الحبة السوداء، الحلبة، وحبوب الكتان.
    • الأعشاب الطبية والعطرية: مثل الزعتر والأوريجانو.

تعليق ثقافي وعلمي: هذا التصنيف ينسجم مع الطب التقليدي في العديد من الثقافات مثل الأيورفيدا الهندي والطب الصيني التقليدي، حيث تُستخدم التوابل والأعشاب كأدوية. العلم الحديث يدعم هذا المفهوم؛ فالكركم يحتوي على الكركمين، وهو مركب أظهرت دراسات in vitro (مخبرية) وحيوانية قدرته على كبح نمو الخلايا السرطانية. الزعتر يحتوي على الثيمول والكارفاكرول، وهما مركبان لهما خصائص مضادة للأكسدة ومضادة للسرطان.

  • المصدر: (Shanmugam, M. K. et al., Cancer Letters, 2015 - on Curcumin).

وصفات علاجية طبيعية

يقترح الدكتور فايد نماذج لخلطات يمكن للمرضى تحضيرها بأنفسهم، مثل خلطة خماسية تتكون من: الزعتر، الحلبة، الكروية، الحبة السوداء، والقرفة. ويشدد على أهمية أن يقوم المريض بطحن المكونات بنفسه لضمان نقائها وجودتها. كما يحذر من شراء الخلطات الجاهزة من عند العشابين الذين قد يكون هدفهم الربح المادي فقط.

قوة العكبر (البروبوليس)

يولي الدكتور فايد أهمية قصوى للعكبر (Propolis)، ويعتبره من أقوى المواد الطبيعية المضادة للسرطان. وينتقد بشدة بعض الأطباء الذين يمنعون المرضى من استخدامه.

تعلي-ق علمي: العكبر هو مادة صمغية ينتجها النحل، وقد أظهرت مئات الدراسات العلمية خصائصه المضادة للسرطان. يحتوي العكبر على مركبات نشطة بيولوجياً مثل “حمض الكافيك الفينيثيل استر” (CAPE)، والتي أثبتت في دراسات مخبرية وحيوانية قدرتها على تحفيز موت الخلايا السرطانية المبرمج (Apoptosis) ومنع انتشارها.

  • المصدر: (Sawicka, D. et al., Molecules, 2020 - Review on Propolis).

خلاصة: العلاج يبدأ من المريض

يختتم الدكتور فايد حديثه بالتأكيد على أن المشكلة ليست في السرطان بحد ذاته، بل في كيفية تعامل الناس معه. العلاج الحقيقي، من وجهة نظره، يكمن في:

  • القوة النفسية: مواجهة المرض بتفاؤل ورباطة جأش.
  • قطع مسببات المرض: التوقف الفوري عن تناول الأطعمة المصنعة والضارة.
  • تبني نمط عيش صحي: الاعتماد على نظام غذائي طبيعي غني بالخضروات، الفواكه، التوابل، والبذور.
  • الأخذ بزمام المبادرة: أن يكون المريض هو الباحث والمشرف الأول على علاجه، لا أن ينتظر حلاً سحرياً من طبيب أو خلطة جاهزة من بائع أعشاب.

إنها دعوة للعودة إلى الطبيعة، وتمكين المريض ليصبح شريكاً فاعلاً في رحلة الشفاء، وليس مجرد متلقٍ سلبي للعلاج.