هل يمكن أن يكون السرطان، ذلك المرض الذي يلقي بظلاله الثقيلة على مجتمعاتنا، مجرد حالة قابلة للعلاج والسيطرة بدلاً من كونه حكماً نهائياً؟ في عالم يتزايد فيه الرعب من هذا المرض، يقدم الدكتور محمد الفايد، في أحد فيديوهاته التوعوية، منظوراً مختلفاً يضع المريض في قلب رحلة الشفاء، مؤكداً أن المعلومات ونمط العيش قد يكونان أقوى من العلاجات التقليدية وحدها.
في حديثه، يشدد الدكتور الفايد على أن “رعب السرطان أخطر من السرطان نفسه”، مشيراً إلى أن الحالة النفسية للمريض هي حجر الزاوية في أي مسار علاجي. فالارتباك والانهيار النفسي الذي يصيب الشخص عند تشخيص المرض قد يدمر قدرته على اتخاذ قرارات سليمة، مما يعيق رحلة العلاج حتى قبل أن تبدأ. ويشير إلى أن هذا هو السبب الذي يجعل الطب الحديث في دول مثل أمريكا وأوروبا يلحق دائماً طبيباً نفسياً بمرضى السرطان، إدراكاً لأهمية الدعم النفسي.
مرحلة ما قبل السرطان: نافذة فرصة مهملة
يطرح الدكتور الفايد مفهوماً هاماً غالباً ما يتم تجاهله، وهو “مرحلة ما قبل السرطان”. يرى أن الجسم يرسل إشارات ومؤشرات مبكرة يمكن أن تنبئ بخطر قادم قبل ظهور الورم بسنوات. ويقدم أمثلة عملية على ذلك:
- تضخم البروستاتا الحميد (BPH): يوضح أن الكثير من الرجال يتعايشون مع هذا التضخم لسنوات، معتقدين أنه حالة مستقرة، لكنه قد يكون في طريقه للتحول إلى سرطان البروستاتا.
- اضطرابات الدم: يشير إلى أن بعض الحالات التي تبدو كأنيميا حادة أو نقص في الصفائح الدموية قد تكون في الحقيقة مقدمة لسرطان الدم (اللوكيميا).
- التكيسات والأورام الحميدة: بعض التكيسات في أعضاء مثل الثدي، المبيض، أو الرحم قد تتحول مع مرور الوقت إلى أورام خبيثة.
لتحديد هذه المرحلة، ينصح الفايد بعدم الاكتفاء بالتحاليل الروتينية، بل بمراقبة مؤشرات حيوية أكثر دقة، وعلى رأسها الإنزيمات. يوضح أن ارتفاع إنزيمات مثل الليباز (Lipase)، الأميلاز (Amylase)، الألدولاز (Aldolase)، والفوسفاتاز (Phosphatase)، بالإضافة إلى مؤشرات الأورام مثل (PSA) للبروستاتا و (CA 19-9)، قد يكون علامة على وجود نشاط سرطاني في الجسم حتى قبل تشكل الورم.
عند البحث عن أدلة علمية تدعم هذه الفكرة، نجد أن العلم الحديث يؤكد على أهمية هذه المؤشرات. على سبيل المثال، دراسة منشورة في مجلة World Journal of Gastroenterology عام 2017 (مراجعة) وجدت أن الارتفاع المزمن في إنزيمات الكبد يمكن أن يكون مؤشراً لخطر الإصابة بسرطان الكبد. كما أن انخفاض فيتامين (د) بشكل حاد، والذي أشار إليه الدكتور الفايد، تم ربطه بزيادة خطر الإصابة بأنواع متعددة من السرطان، وهو ما أكدته مراجعة منهجية وتحليل تجميعي (meta-analysis) ضخم نُشر في British Medical Journal عام 2014.
ما بعد الشفاء: لماذا قد يعود السرطان؟
ينتقل الدكتور الفايد إلى نقطة أخرى حاسمة، وهي مرحلة ما بعد العلاج. يحذر بشدة من فكرة أن الشخص الذي أُعلن “شفاءه” من السرطان يمكنه العودة إلى نمط حياته السابق. يؤكد أن السرطان سيعود حتماً إذا عاد الشخص إلى نفس المسببات التي أدت إلى ظهوره في المقام الأول، مثل النظام الغذائي غير الصحي والتعرض للمسرطنات.
هذا الرأي يجد دعماً قوياً في الأوساط العلمية. فالعديد من الدراسات تؤكد أن تبني نمط حياة صحي بعد علاج السرطان يقلل بشكل كبير من خطر عودته. دراسة تتبعية (cohort study) نُشرت في JAMA Oncology عام 2016 أظهرت أن النساء الناجيات من سرطان الثدي اللواتي اتبعن نمط حياة صحي (وزن مثالي، نشاط بدني، نظام غذائي غني بالخضروات والفواكه) كان لديهن خطر أقل بكثير لعودة المرض.
حجر الزاوية في العلاج: قوة نمط العيش والنظام الغذائي
يعتبر الدكتور الفايد أن الاعتماد على العلاجات الحديثة مثل الجراحة والعلاج الكيميائي والإشعاعي وحده غير كافٍ، بل قد يكون غير فعال إذا لم يترافق مع تغيير جذري في نمط العيش. يرى أنه من “المستحيل” تحقيق الشفاء الكامل بينما يستمر المريض في تناول مسببات السرطان. ويحدد قائمة واضحة للمواد التي يجب قطعها فوراً:
- جميع أنواع اللحوم.
- السكر الأبيض.
- الزيوت الصناعية المهدرجة والمكررة المستخدمة في الطبخ.
- جميع الأغذية المصنعة والمعلبة والمصبرات.
في المقابل، يشجع على استهلاك كل ما هو طبيعي: النشويات، البقوليات، الخضر، الفواكه، الفواكه الجافة، والأسماك.
هذه التوصيات تتوافق مع الكثير من الأبحاث الحديثة. فقد صنفت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC) التابعة لمنظمة الصحة العالمية اللحوم المصنعة على أنها “مسرطنة للإنسان” (المجموعة 1)، واللحوم الحمراء على أنها “محتملة التسرطن” (المجموعة 2A). كما أن العلاقة بين استهلاك السكر المفرط والسرطان هي مجال بحث نشط، حيث تشير دراسات مثل تلك المنشورة في Nature Reviews Cancer إلى أن التمثيل الغذائي المعتمد على الجلوكوز هو سمة مميزة للخلايا السرطانية (تأثير واربورغ).
صيدلية الطبيعة: المجموعات العلاجية الثلاث
يعتقد الدكتور الفايد أن الله خلق في الطبيعة مكونات للطاقة وأخرى للعلاج. ويرى أن المكونات العلاجية تتركز في ثلاث مجموعات رئيسية يجب أن تكون أساس النظام الغذائي لمريض السرطان، ليس لقيمتها الغذائية من السعرات الحرارية، بل لمركباتها النشطة بيولوجياً (Phytochemicals):
- التوابل (Spices): مثل الكركم، القرفة، القرنفل، حب الهيل (الكارداموم)، وجوزة الطيب.
- الأعشاب الطبية (Herbs): وعلى رأسها الزعتر والأوريجانو.
- البذور (Seeds): مثل الحلبة، الحبة السوداء، الكروية، وحبوب الكتان.
هذه الفكرة تتقاطع بشكل كبير مع مبادئ الطب التقليدي مثل الأيورفيدا الهندي والطب الصيني التقليدي، حيث تُستخدم هذه النباتات منذ آلاف السنين لخصائصها العلاجية. العلم الحديث بدأ يفك شفرة هذه الخصائص:
- الكركم: يحتوي على مركب الكركمين (Curcumin)، والذي أظهر في آلاف الدراسات (معظمها in vitro وanimal studies) خصائص قوية مضادة للالتهابات ومضادة للسرطان. مراجعة علمية (review) منشورة في مجلة Nutrients عام 2019 لخصت آلياته المتعددة في محاربة الخلايا السرطانية.
- الحبة السوداء (Nigella Sativa): مركبها الرئيسي، الثيموكينون (Thymoquinone)، كان موضوع أبحاث مكثفة. مراجعة منهجية (systematic review) في مجلة Pharmacological Research عام 2016 استعرضت الأدلة على قدرته على تحفيز موت الخلايا السرطانية وتثبيط نموها.
- الحلبة والزعتر والقرفة: أظهرت دراسات مخبرية عديدة أن مستخلصات هذه النباتات تمتلك تأثيرات سامة للخلايا السرطانية (cytotoxic) ومضادة للأكسدة.
يقترح الدكتور الفايد على المرضى الاجتهاد وصنع خلطاتهم الخاصة من هذه المكونات، ويقدم مثالاً على “وصفة خماسية” تتكون من: الزعتر، الحلبة، الحبة السوداء، الكروية، والقرفة (مع التحفظ على القرفة لمن يعانون من مشاكل في الكلى). وينصح بتناول ملعقة كبيرة من هذا الخليط المطحون صباحاً ومساءً مع حساء أو عصير خضر أو ماء دافئ.
البروبوليس (العكبر): السلاح الأقوى في الطبيعة
يولي الدكتور الفايد أهمية قصوى لمادة واحدة يعتبرها “السلاح المؤكد والوحيد المضاد للسرطان في الطبيعة”، وهي البروبوليس (العكبر). ينتقد بشدة الأطباء الذين يمنعون مرضاهم من استخدامه، معتبراً أنهم يحرمونهم من أقوى علاج طبيعي متاح.
الأبحاث العلمية تدعم بقوة هذا الرأي. فالبروبوليس، وهو مادة صمغية يجمعها النحل، يحتوي على مئات المركبات النشطة، أبرزها مركب CAPE (Caffeic acid phenethyl ester). مراجعة علمية شاملة نُشرت في Journal of Dietary Supplements عام 2020 خلصت إلى أن البروبوليس ومكوناته أظهرت تأثيرات واعدة مضادة للسرطان في الدراسات المخبرية والحيوانية عبر آليات متعددة، بما في ذلك منع تكاثر الخلايا وتحفيز موتها المبرمج (Apoptosis).
ومع ذلك، يحذر الفايد من انتشار البروبوليس المغشوش في الأسواق، خاصة في البلدان العربية، وينصح بشراء الأنواع الموثوقة، مثل تلك التي تأتي على شكل كبسولات، وتجنب المنتجات مجهولة المصدر.
المسؤولية الشخصية: أنت قائد رحلة الشفاء
في ختام حديثه، يوجه الدكتور الفايد رسالة قوية للمرضى وعائلاتهم: الشفاء قرار ومسؤولية شخصية. ينتقد ثقافة انتظار الحلول الجاهزة والاعتماد على الآخرين، سواء كانوا أطباء أو “عشابين” يبيعون خلطات باهظة الثمن. يحث المرضى على:
- التعلم والبحث: استخدام الإنترنت (ويقترح البحث باللغة الإنجليزية للحصول على معلومات أغنى) لفهم حالتهم والخيارات المتاحة.
- العمل بأنفسهم: دخول المطبخ، شراء المكونات الصحيحة، طحنها وتحضيرها بأنفسهم لضمان نقائها وجودتها.
- عدم اليأس: التحلي بنفسية قوية وإيمان بالشفاء، والابتعاد عن التوتر والاندفاع.
يؤكد أن الذين تعالجوا بالفعل هم أولئك الذين “شمروا عن سواعدهم” وتولوا زمام أمور صحتهم، محولين مطابخهم إلى مصادر علاج حقيقية.
This article summarizes expert opinions and available studies for educational purposes only and is not medical advice.