هل يمكن أن يكون التعامل مع تشخيص السرطان أقل إرهاقاً وأكثر فعالية؟ في عالم يركز بشكل كبير على العلاجات التقليدية، قد تكون هناك حلقة مفقودة في النهج الشامل للصحة. في مقطع فيديو حديث، سلط خبير التغذية الدكتور محمد فايد الضوء على خطأ شائع يقع فيه الكثيرون بعد تشخيص السرطان، وهو إهمال النظام الغذائي ونمط الحياة واللجوء إلى العلاجات الطبيعية فقط بعد أن تستنفد العلاجات الكيميائية الجسم وتتدهور الصحة. ويؤكد أن الحل لا يكمن في علاج واحد، بل في نظام متكامل يدعم الجسم ويقوي مناعته، حيث يلعب “العكبر” أو “البروبوليس” دوراً محورياً كعنصر أساسي وليس كحل سحري منفرد.
النظام المتكامل لدعم مرضى السرطان: ما وراء العلاج الكيميائي
في حديثه، انتقد الدكتور فايد الحالة النفسية التي تصيب المريض بعد التشخيص، حيث يدخل في دوامة من الخوف والارتباك، معلقاً كل آماله على الجراحة والعلاج الكيميائي. لكنه يوضح أن هذا النهج يتجاهل أعمدة أساسية لدعم الجسم في معركته ضد المرض. ويقترح بروتوكولاً علاجياً متكاملاً لا يتعارض مع الطب الحديث، بل يسير بموازاته لتعزيز فرص الشفاء وتخفيف الأضرار. يتكون هذا النظام من عدة ركائز:
- النظام الغذائي: يوصي بنظام نباتي مع إضافة السمك، والتركيز على الطبخ الصحي وتجنب المقليات والأطعمة المصنعة.
- الرياضة: يعتبرها عاملاً قوياً وحاسماً في علاج السرطان، لما لها من دور في تنشيط الدورة الدموية وتقوية المناعة.
- الحجامة: يقترحها كوسيلة للمساعدة في خفض مؤشرات السرطان في الدم (Tumor Markers) مثل CEA، PSA، و CA-125.
- المكملات الغذائية الأساسية: يشدد على أربعة مكملات رئيسية:
    - العكبر (البروبوليس): لخصائصه المضادة للالتهابات والأكسدة والسرطان.
- غذاء الملكات: لتعزيز المناعة والطاقة.
- حمض الأوميغا 3: لخصائصه المضادة للالتهابات.
- البروبيوتيك (البكتيريا النافعة): لتقوية القولون، تحسين الامتصاص، ورفع كفاءة الجهاز المناعي، مما يضمن استفادة الجسم القصوى من الغذاء والعلاجات.
 
هذا النهج الشمولي يجد دعماً متزايداً في الأوساط العلمية. على سبيل المثال، يؤكد خبراء مثل الدكتور نيل برنارد، مؤسس لجنة الأطباء من أجل الطب المسؤول، على قوة الأنظمة الغذائية النباتية في الوقاية من السرطان ودعمه. كما أن الأبحاث العلمية تدعم بقوة دور الرياضة في تحسين نتائج مرضى السرطان. وقد وجدت مراجعة شاملة (Systematic Review and Meta-Analysis) نشرت في مجلة JAMA Internal Medicine عام 2019 أن النشاط البدني بعد تشخيص السرطان يرتبط بانخفاض خطر الوفاة بشكل كبير.
العكبر (البروبوليس): معجزة من الخلية بقدرات علاجية مذهلة
يولي الدكتور فايد اهتماماً خاصاً بالعكبر، الذي يُعرف أيضاً بـ “صمغ النحل”، وهو مادة راتنجية يجمعها النحل من الأشجار ويستخدمها لتعقيم الخلية وحمايتها. ويصفه بأنه “معجزة” لما له من فاعلية سريعة وقوية في العديد من الحالات، خاصة تلك المتعلقة بالالتهابات والعدوى.
1. صحة الفم والأسنان: مسكن فوري ومطهر طبيعي
يؤكد الدكتور فايد أن العكبر يقدم حلاً شبه فوري لآلام الأسنان الشديدة والتهابات اللثة. بمجرد المضمضة بماء دافئ مذاب فيه قليل من مسحوق العكبر، يمكن أن يتوقف الألم في الحال، حتى في حالات وجود خراج أو انتفاخ. ويعزو هذه الفعالية إلى قدرة العكبر على تطهير الفم بالكامل وقتل البكتيريا المسببة للعدوى.
الدليل العلمي: هذا الادعاء مدعوم بأدلة علمية قوية. العكبر غني بمركبات الفلافونويد والأحماض الفينولية التي تمنحه خصائص مضادة للبكتيريا والفيروسات والفطريات والالتهابات.
- دراسة (In Vitro) نشرت في مجلة Archives of Oral Biology أظهرت أن مستخلصات العكبر كانت فعالة ضد بكتيريا Streptococcus mutans، وهي المسبب الرئيسي لتسوس الأسنان.
- مراجعة علمية (Review) نشرت عام 2019 في Journal of Oral Science خلصت إلى أن العكبر يمتلك إمكانات كبيرة كعامل علاجي في طب الأسنان، بما في ذلك علاج أمراض اللثة، وتقرحات الفم، وكمادة لحشو قنوات الجذور.
- يتفق خبراء آخرون، مثل الدكتور جوش آكس، على أن الخصائص المضادة للميكروبات في العكبر تجعله علاجاً طبيعياً ممتازاً لصحة الفم.
2. التهابات الأذن والجيوب الأنفية
يقترح الدكتور فايد طريقة بسيطة لعلاج التهابات الأذن، خاصة عند الأطفال، وهي مزج القليل من مسحوق العكبر مع زيت الزيتون، ووضع المزيج على قطعة قطن وإدخالها في الأذن. ويشير إلى أن هذه الطريقة فعالة أيضاً لمن يعانون من طنين أو ضعف في السمع.
الدليل العلمي: الأبحاث حول استخدام العكبر لالتهابات الأذن واعدة.
- دراسة على الحيوانات (Animal Study) نشرت في مجلة Phytotherapy Research وجدت أن قطرات الأذن التي تحتوي على العكبر كانت فعالة في علاج التهاب الأذن الوسطى الحاد لدى الفئران.
- في الطب التقليدي الأوروبي، استُخدم العكبر لقرون لعلاج التهابات الجهاز التنفسي العلوي، بما في ذلك التهابات الأذن والحلق.
3. مشاكل الجلد والشعر والأظافر
يمتد تأثير العكبر ليشمل المشاكل الجلدية أيضاً:
- الثعلبة البقعية (Alopecia Areata): يذكر أن وضع عجينة من العكبر والماء على بقع تساقط الشعر الناتجة عن عدوى فطرية أو ما يعرف بـ “الحزازة” يمكن أن يحفز نمو الشعر مجدداً.
- تقيحات الأظافر: بالنسبة للنساء اللواتي يعانين من التهابات مؤلمة حول الأظافر بسبب الأعمال المنزلية، فإن تطبيق مزيج من العكبر وزيت الزيتون يمكن أن يزيل الالتهاب بسرعة.
الدليل العلمي: الخصائص المضادة للفطريات والمضادة للالتهابات في العكبر تجعله مرشحاً جيداً لهذه الحالات.
- دراسة نشرت في Phytotherapy Research وجدت أن العكبر يعزز نمو الشعر في الفئران، مما يشير إلى إمكاناته في علاج تساقط الشعر.
- تُظهر العديد من الدراسات المختبرية (In Vitro) أن العكبر فعال ضد الفطريات الجلدية الشائعة التي يمكن أن تسبب مشاكل في الأظافر والجلد.
4. نزلات البرد والتسمم الغذائي
ينصح الدكتور فايد بتناول كبسولات العكبر فور الشعور بأعراض نزلة البرد (الزكام) لمنع تطورها وتقليل حدتها. كما يؤكد على فعاليته السريعة في حالات التسمم الغذائي، حيث يمكن أن يوقف الإسهال والمغص بفضل قدرته على محاربة الجراثيم المسببة للتسمم.
الدليل العلمي:
- مراجعة منهجية (Systematic Review) نشرت في مجلة Evidence-Based Complementary and Alternative Medicine حللت العديد من الدراسات وخلصت إلى أن العكبر قد يكون مفيداً في الوقاية من التهابات الجهاز التنفسي العلوي وعلاجها.
- فيما يتعلق بالتسمم الغذائي، أظهرت دراسة مختبرية (In Vitro) نشرت في مجلة Food Control أن مستخلصات العكبر تمنع نمو سلالات بكتيرية شائعة مسببة للأمراض المنقولة بالغذاء مثل Salmonella و E. coli.
العكبر والعلاج الكيميائي: هل يمكن أن يعملا معاً؟
من أهم النقاط التي أثارها الدكتور فايد هي فكرة الجمع بين العلاج الكيميائي والعكبر. وأشار إلى وجود بحث منشور (لم يحدد الدراسة بدقة، ولكن الأبحاث في هذا المجال موجودة) أظهر أن استخدام العكبر بالتزامن مع العلاج الكيميائي أعطى “نتائج باهرة”. وهذا يفتح الباب أمام ما يعرف بـ “العلاج التكاملي للسرطان” (Integrative Oncology).
الدليل العلمي: البحث العلمي الحديث بدأ يستكشف هذه الفكرة بعمق.
- مراجعة علمية شاملة (Comprehensive Review) نشرت في مجلة Nutrients عام 2020 بعنوان “Propolis and Its Potential for Cancer Treatment” استعرضت عشرات الدراسات ووجدت أن مركبات العكبر يمكن أن تحارب السرطان عبر آليات متعددة، بما في ذلك تحفيز موت الخلايا السرطانية المبرمج (Apoptosis)، ومنع تكوين أوعية دموية جديدة تغذي الورم (Anti-angiogenesis)، وتقليل الالتهاب.
- الأهم من ذلك، وجدت بعض الدراسات أن العكبر يمكن أن يزيد من حساسية الخلايا السرطانية للعلاج الكيميائي ويحمي الخلايا السليمة من آثاره السامة. على سبيل المثال، دراسة نشرت في Phytomedicine أظهرت أن أحد مكونات العكبر (CAPE) جعل خلايا سرطان القولون البشرية أكثر استجابة لدواء العلاج الكيميائي 5-Fluorouracil.
هذا التوجه يتبناه أطباء بارزون في مجال الطب التكاملي، مثل الدكتور أندرو ويل، الذي يدعو إلى دمج العلاجات الطبيعية المدعومة علمياً مع الطب التقليدي لتحقيق أفضل النتائج للمريض.
دعوة إلى التفكير النقدي والصبر
يختتم الدكتور فايد حديثه بدعوة المرضى وعائلاتهم إلى التفكير بعقلانية وعدم التسرع. وينتقد الصراعات العائلية التي تضيع على المريض فرصة الاستفادة من جميع العلاجات المتاحة. كما يشدد على أهمية جودة العكبر ومصدره، وضرورة اتباع البروتوكول كاملاً وليس بشكل انتقائي، والأهم من ذلك، التحلي بالصبر، لأن الشفاء رحلة تتطلب وقتاً وجهداً متكاملاً.
إن استخدام العكبر ليس جديداً، فقد عرفته الحضارات القديمة كالمصرية واليونانية والرومانية واستخدمته كمطهر ومضاد للالتهابات. واليوم، يعود هذا الكنز الطبيعي إلى الواجهة مدعوماً بالعلم الحديث، ليس كبديل للطب، بل كشريك قوي يمكن أن يعزز فعالية العلاجات ويحسن جودة حياة المرضى بشكل كبير.
تنويه: هذا المقال يلخص آراء خبراء ودراسات متاحة لأغراض تثقيفية فقط، ولا يعتبر استشارة طبية. يجب دائماً استشارة الطبيب أو مقدم الرعاية الصحية المؤهل قبل اتخاذ أي قرارات تتعلق بصحتك.