هل يمكن أن يكون علاج حصوات المرارة، الحالة المؤلمة التي تصيب الملايين حول العالم، أبسط مما نتخيل؟ في عالم يميل بشكل متزايد نحو الحلول الطبيعية، تظهر علاجات قديمة بقوة، مدعومة أحيانًا بأبحاث حديثة. في مقطع فيديو حديث على يوتيوب، تناول خبير في الطب التكميلي استراتيجيات طبيعية للتعامل مع حصوات المرارة، مركزًا على فهم الأسباب الجذرية وتقديم حلول عشبية ونمط حياة يمكن أن يمنع تكرارها. هذا المقال يقدم تقريرًا تعليميًا مفصلًا حول هذه النقاط، مع التعمق في الأدلة العلمية والآراء الطبية الأخرى.

لماذا تتكون حصوات المرارة؟ فهم الأسباب أولاً

في بداية حديثه، شدد المتحدث على أن مفتاح العلاج الدائم لحصوات المرارة يكمن في فهم سبب تكونها. فبدون معالجة الأسباب الجذرية، حتى لو تم التخلص من الحصوات الحالية، فإنها غالبًا ما تعود للظهور، وبمعدل تكرار يفوق حتى حصوات الكلى.

1. جودة وكمية العصارة الصفراوية: السبب الرئيسي، وفقًا للمتحدث، هو أن الجسم لا ينتج كمية كافية من العصارة الصفراوية (Bile) ذات الجودة العالية. المرارة هي كيس صغير يقع أسفل الكبد، وظيفته تخزين وتركيز هذه العصارة التي ينتجها الكبد للمساعدة في هضم الدهون. عندما تكون العصارة الصفراوية غير متوازنة، إما قليلة جدًا أو ذات تركيبة سيئة (تحتوي على كوليسترول أكثر مما يمكن لأملاح الصفراء إذابته)، فإنها تبدأ في التبلور وتكوين ما يشبه الرمال، ثم تتطور إلى حصوات صلبة. هذه الحصوات تتكون في الغالب من الكوليسترول أو البيليروبين (صبغة تنتج عن تكسر خلايا الدم الحمراء).

2. اختلال التوازن الهرموني (هرمون الإستروجين): أشار المتحدث إلى أن اختلال توازن هرمون الإستروجين يعد سببًا رئيسيًا آخر. المستويات المرتفعة من الإستروجين يمكن أن تزيد من تشبع العصارة الصفراوية بالكوليسترول وتقلل من حركة المرارة، مما يهيئ بيئة مثالية لتكوين الحصوات. ويحدث هذا الارتفاع غالبًا بسبب:

هذه النقطة مدعومة بقوة في الأوساط العلمية. فقد أظهر تحليل تلوي (Meta-analysis) واسع النطاق نُشر في “المجلة الكندية لأمراض الجهاز الهضمي والكبد” عام 2015 أن استخدام العلاج الهرموني البديل وحبوب منع الحمل الفموية يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بأمراض المرارة، بما في ذلك حصوات المرارة. لذلك، ينصح المتحدث بضرورة معالجة هذا الخلل الهرموني أولاً قبل البدء في أي علاج للمرارة.

3. التوتر والإجهاد النفسي: قد يبدو الأمر مفاجئًا، لكن المتحدث ربط التوتر المزمن بتكوين حصوات المرارة. الآلية المقترحة هي أن التوتر يرفع مستويات هرمون الكورتيزول (هرمون التوتر)، والذي بدوره يمكن أن يرفع مستويات الأنسولين في الجسم. ارتفاع الأنسولين المزمن (مقاومة الأنسولين) يؤدي إلى تقليل مخزون الجسم من العصارة الصفراوية، مما يساهم في تكوين الحصوات. عند البحث في هذا الادعاء، وجدنا أن العلاقة معقدة ولكنها منطقية. دراسة مراجعة (Review study) نشرت في مجلة “Annals of Hepatology” أشارت إلى أن متلازمة التمثيل الغذائي، التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بمقاومة الأنسولين، هي عامل خطر معروف لحصوات الكوليسترول. وبما أن التوتر المزمن يساهم في متلازمة التمثيل الغذائي، فإن الرابط يصبح أكثر وضوحًا.

4. منظور الطب الهندي القديم (الأيورفيدا): من زاوية الطب التقليدي، يذكر المتحدث أن الأيورفيدا تعتبر سوء الهضم، والإمساك، وضعف الأيض (عمليات حرق الطاقة) من الأسباب الرئيسية لتكوين الحصوات. هذا يتوافق مع الفهم الحديث بأن بطء حركة الأمعاء يمكن أن يؤثر على دورة العصارة الصفراوية بين الكبد والأمعاء.

عشبة “كسارة الحصى” (Bhumi Amlaki): الحل الطبيعي المقترح

بناءً على منظور الأيورفيدا، يقترح المتحدث استخدام عشبة تُعرف باسم “بومي أملكي” (Bhumi Amlaki)، واسمها العلمي هو Phyllanthus niruri. تُعرف هذه العشبة بأسماء شائعة مثل “كسارة الحصى” أو “Stonebreaker” لقدرتها المزعومة على تفتيت الحصوات في الكلى والمرارة. في بعض مناطق الوطن العربي، قد لا تكون مشهورة باسمها الهندي، ولكن يمكن العثور عليها لدى العطارين المتخصصين أو عبر الإنترنت تحت اسمها العلمي.

كيف تعمل العشبة وفقًا للمتحدث؟

ماذا يقول العلم؟ عند البحث عن أدلة علمية لدعم هذه الادعاءات، وجدنا نتائج واعدة، خاصة فيما يتعلق بحصوات الكلى، مع بعض الآثار المحتملة على صحة الكبد والمرارة:

الجرعة المقترحة: نصف ملعقة صغيرة إلى ملعقة صغيرة من مسحوق العشبة، مرتين يوميًا، بعد 30 دقيقة من الوجبات، مع ماء دافئ. وحذر المتحدث من أن طعمها قد يكون “ترابيًا” بعض الشيء، وهذا لا يعني أن جودتها سيئة.

استراتيجيات غذائية ونمط حياة داعم

إلى جانب العلاج العشبي، أكد المتحدث على أهمية النظام الغذائي ونمط الحياة:

1. خل التفاح وعصير الليمون: نصح بشرب كوب من الماء مضاف إليه ملعقة كبيرة من خل التفاح وملعقة كبيرة من عصير الليمون على معدة فارغة في الصباح. يُعتقد أن حمض الماليك في خل التفاح وحمض الستريك في الليمون يساعدان على تليين حصوات الكوليسترول ودعم وظائف الكبد. الأدلة العلمية: الأدلة على هذا العلاج هي في الغالب قصصية (Anecdotal). لا توجد دراسات بشرية قوية تثبت أن خل التفاح يذيب حصوات المرارة. ومع ذلك، فإن تحسين الهضم ودعم بيئة قلوية في الجسم بشكل عام يعتبر مفيدًا للصحة.

2. النظام الغذائي والدهون: من الأخطاء الشائعة التي حذر منها المتحدث هو اتباع نظام غذائي خالٍ تمامًا من الدهون (Zero-fat diet). المرارة تحتاج إلى بعض الدهون في الوجبات لتتحفز على الانقباض وإفراغ محتوياتها. الحرمان التام من الدهون يمكن أن يؤدي إلى ركود العصارة الصفراوية وزيادة خطر تكون الحصوات. النصيحة هي تقليل الدهون غير الصحية، مع تضمين كميات معتدلة من الدهون الصحية مثل زيت الزيتون البكر وزيت جوز الهند والأفوكادو.

3. عادات يومية حاسمة:

متى يجب استشارة الطبيب؟

قدم المتحدث تحذيرًا مهمًا في نهاية حديثه. هذه العلاجات الطبيعية قد تكون مناسبة للحالات التي يوجد فيها “رمل” في المرارة أو حصوات صغيرة. ومع ذلك، إذا كانت المرارة ممتلئة بالحصوات الكبيرة، أو إذا كانت الأعراض شديدة (ألم حاد، غثيان، حمى)، فإن استشارة الطبيب تصبح ضرورية. واقترح تجربة هذه الطرق لمدة شهرين (60 يومًا)، ثم إجراء فحص بالموجات فوق الصوتية (Ultrasound) لمقارنة النتائج. إذا كان هناك تحسن، يمكن الاستمرار. وإذا لم يحدث أي تغيير، فيجب البحث عن خيارات أخرى بالتشاور مع أخصائي الرعاية الصحية.

خلاصة وتوصيات

يقدم الفيديو رؤية شاملة للتعامل مع حصوات المرارة من منظور الطب التكميلي، مع التركيز على معالجة الأسباب الكامنة بدلاً من مجرد التعامل مع الأعراض. النقاط الرئيسية التي يمكن استخلاصها هي:

تتوافق العديد من هذه التوصيات مع مبادئ الطب الوظيفي الذي ينظر إلى الجسم كنظام متكامل. خبراء مثل الدكتور مارك هايمان (Dr. Mark Hyman) يؤكدون دائمًا على أن صحة الجهاز الهضمي والكبد هي حجر الزاوية للوقاية من الأمراض المزمنة.


إخلاء مسؤولية: هذا المقال يلخص آراء الخبراء والدراسات المتاحة لأغراض تعليمية فقط ولا يعتبر استشارة طبية. يجب دائمًا استشارة الطبيب أو أخصائي الرعاية الصحية المؤهل قبل البدء في أي علاج جديد أو إجراء تغييرات كبيرة على نظامك الغذائي أو نمط حياتك.